فوائد العرقسوس الصحية وأضراره

يعتبر العرقسوس واحدًا من أقدم الأعشاب الطبيّة وترتبط أصوله بالشرق الأوسط وأجزاء من آسيا، بالإضافة إلى كونه أحد أشهر المشروبات الرمضانية على مائدة الإفطار العربية. فيم يستخدم العرقسوس وكيف نحصل على الإفادة منه مع تجنب مضاره هو ما سنناقشه في هذه المقالة.

أصل وتاريخ عرق السوس:

الاسم العلمي للعرقسوس هو جلايسيريزا جلابرا (Glycyrrhiza Glabra)، وتعني كلمة العرقسوس في اللغة العربية الجذر المتأصل في إشارة لامتداد جذور النبات في الأرض، كما تعني الخشب الحلو في لغات أخرى، والسوس هو نبات معمّر من فصيلة البقوليات ينمو حول حوض البحر المتوسط بالإضافة إلى بعض بلدان أوروبا وآسيا، وينتشر في البلاد العربية من قديم الزمان وورد وصفه في العديد من المراجع القديمة على لسان علماء مشاهير مثل ابن سينا وابن البيطار. بالإضافة لذلك فقد عرفه البابليون كأحد الأعشاب الطبيّة المقويّة للمناعة، واستخدمه قدماء المصرين كذلك على الرغم من اقتصار استخدامه حينها على طبقة الحكام والفراعنة؛ حيث عُثر على جذور العرقسوس في مقبرة الملك توت عنخ آمون ويُشاع أنّ الأطباء المصريين القدماء كانوا يخلطونه مع الأدوية ﻹخفاء مرارة طعمها علاوة على استخدامه في علاج بعض أمراض الجهاز الهضمي، كما شاع الاعتقاد بامتلاكه تأثيرًا علاجيًا على الآلام  النفسية أيضًا. انتقل العرقسوس من كونه مشروب الحكام إلى كونه مشروبًا لكل طوائف الشعب مع مجيء الفاطميين، ومازال حتى اللحظة الراهنة صاحب حضور قوي في مجتمعاتنا العربية بسبب فوائده المتعددة ومذاقه الطيب.

خصائص العرقسوس وعناصره:

يتراوح ارتفاع نبات السوس ما بين المتر والمترين في الطول، وتكون أوراقه بيضاوية وأزهاره زرقاء اللون، أما جذوره فهي طويلة وسميكة، بنيّة اللون وذات رائحة مميزة. المركب النشط الاساسي في العرقسوس يسمى الجليسريزين (Glycyrrhizin)، والذي يعدّ مسئولًأ -بالإضافة إلى مواد فعالة أخرى في النبات- عن خصائص النبات المضادة للأكسدة وللالتهاب وللبكتيريا، والذي يمنحه أيضًا طعمه الحلو. بالإضافة لذلك فالعرقسوس غني بفيتامينات ب1 وب2 وب3، ويحتوي على العديد من العناصر الهامة للجسم مثل الزنك والفوسفور والماغنسيوم والكالسيوم.

فوائد العرقسوس الصحية:

1-  فوائد العرقسوس للجهاز الهضمي

يستخدم مستخلص العرقسوس عادة في التخفيف من أعراض عسر الهضم مثل الحموضة وارتجاع المريء، حيث أظهرت دراسة أن تناول كبسولات العرقسوس بشكل يومي أدى إلى تحسن ظاهر في الأعراض مقارنة بعدم تناوله؛ كما أظهرت دراسة أخرى أنّه قد يساعد في التخلص من أعراض مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) في حال خلط نسبة ضئيلة من المادة الفعالة فيه مع العلاج المعتاد اتباعه، وأشارت دراسة أخرى إلى أن استهلاك العرقسوس اليومي أكثر فعالية على المدى الطويل من مضادات الحموضة المستخدمة عادة. هناك بعض المؤشرات الناتجة من تجارب على الفئران على أنّ العرقسوس قد يساعد في علاج قرحة المعدة، و مازالت الأبحاث جارية لتوفير صورة أوضح عن مدى فاعلية النبات في علاجها في الإنسان  والطرق الأمثل لاستخدامه. أظهرت تجربة معملية أيضًا نتائج واعدة بخصوص إضافة المادة الفعالة في العرقسوس إلى علاجات فيروس الكبد الوبائي، حيثكان ذلك فعالًا في التقليل من انتشار الفيروس؛ غير أنّ هذه النتائج مازالت بحاجة لتأكيد فعاليتها على الإنسان.

2- فوائد العرقسوس للجهاز التنفسي

قد يساعد مستخلص العرقسوس في الحالات الطبية المتعلقة بالجهاز التنفسي العلوي، نظرًا لامتلاكه تأثيرات مضادة للبكتيريا ومضادة للالتهاب. المؤشرات المبدئية للأبحاث على الفئران والأبحاث على الإنسان التي ما زالت جارية تشير في اتجاه كونه يساعد على تهدئة الربو، بالذات في حال إضافته مع العلاجات الطبية المستخدمة حاليًا، لكن مازالت هناك حاجة لدراسات أكثر دقة بخصوص تأثيرات النبات على المدى البعيد. بالإضافة لذلك، تقترح دراسات محدودة أجريت على الإنسان أن شاي العرقسوس ومستخلصه قد يقيا الإنسان من بكتيريا الحلق ويمنعا التهاب الحنجرة عقب العمليات الجراحية، لكن مازالت هناك حاجة لإجراء الأبحاث على نطاق أوسع. هناك بعض الأدلة على أنّ العرقسوس قد يبطئ من تقدّم التهاب الشعب الهوائية المزمن، حيث أظهرت تجارب معملية قام بها العلماء امتلاك عناصره تأثيرًا مضادًا للأكسدة، مما يحمي خلايا الشعب الهوائية المؤدية للرئة، لكن لا توجد أي دلائل حتى الآن على كونه يوقف تقدّم المرض تمامًا أو يعالجه.  مازال تأكيد هذه النتائج يحتاج للمزيد من الأبحاث على الإنسان.

3- فوائد العرقسوس للاسنان

قد يساعد العرقسوس في الحماية من البكتيريا التي تؤدي إلى التسوس. تظهر الاختبارات المعملية فعالية مستخلص العرقسوس في الحماية من البكتيريا التي عادة ما تتسبب في تجاويف الأسنان وتدهور حالتها؛ كما أظهرت دراسة على أطفال المدارس في المرحلة ما قبل الابتدائية أن استهلاكهم للحلوى الخالية من السكر والتي تحتوي على العرقسوس قد ققل بشكل ملحوظ من البكتيريا التي تعدّ السبب الرئيسي في فجوات الأسنان والتسوس. مازالت هناك حاجة لتحديد الجرعة وطريقة الاستهلاك الأنسب.

4- فوائد العرقسوس للبشرة

يمتلك العرقسوس العديد من العناصر التي أظهرت تأثيرات محتملة في مواجهة البكتيريا والالتهاب والفيروسات؛ ونتيجة لذلك فيستخدم مستخلص العرقسوس في معالجة بعض من حالات البشرة المرضية مثل حبوب الشباب والإكزيما. في دراسة أجريت على البالغين الذين يعانون من الإكزيما كان تطبيق علاج موضعي (topical gel)  يحتوي على مستخلص العرقسوس سببًا في تحسن ملحوظ للإكزيما حيث قلل من الاحمرار والالتهاب والحكة. فيما يخص حبوب الشباب فمازالت نتائج البحث بخصوص تأثيره متضاربة ومحدودة. بالإضافة لذلك فقد توصلت بعض الدراسات إلى تصرف العرقسوس كعامل مضاد للالتهاب مما سرّع من تعافي القرح الجلدية في الفم، كما أنّ تطبيق لاصقة تحتوي على العرقسوس أو استعمال غسول فم يحتوي عليه يبدو عاملًا مساعدًا في تخفيف الألم وتسريع الشفاء من تلك القرح.

5- فوائد العرقسوس للنساء

يعتبر العرقسوس العلاج المنزلي الأساسي للتقلصات المصاحبة للطمث، كما يعتقد أنّ له تأثيرًا مريحًا على العديد من أعراض ما بعد انقطاع الطمث؛ حيث يحتوي على فيتوستروجينات (phytoestrogens) وهي مركبات نباتية تحاكي تأثير الاستروجين في الجسم. رغم وجود بعض الأدلة على كون هذه المركبات مفيدة، إلا أنّه مازال من غير الواضح مدى قدرة هذه المركبات على المساعدة.

6- العرقسوس والسرطان

يعتقد بعض العلماء أن التأثيرات المضادة للأكسدة لالعرقسوس قد تساعد في تقليل خطر الإصابة ببعض السرطانات، تحديدًا سرطان القولون والمستقيم؛ حيث أظهرت التجارب المعملية والتجارب على الحيوانات نتائج واعدة في هذا الصدد. على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجريت على الفئران أن للعرقسوس فوائد محتملة في منع حدوث الأورام المتعلقة بالتهاب القولون.

7- العرقسوس ومرض السكري

في دراسة أخري أجريت على الفئران، أدى الاستهلاك اليومي للعرقسوس إلى تحسن ملحوظ في معدلات السكر في الدم  وصحة الكلى، إلا أن تأثيرًا مماثلًا لهذا على الإنسان لم يتم إثباته بعد.

معدل الاستهلاك الصحي:

يعتبر العرقسوس مركبًا آمنًا ومصرحًا باستخدامه في الأطعمة من قبل منظمة الغذاء والدواء ويدخل في صناعة العديد من المنتجات مثل الحلوى والدهانات الموضعية واللاصقات وغسول الفم وغيرهم،  ويعتبر استخدام المكملات الغذائية أو شاي العرقسوس آمنًا بشكل عام. رغم عدم وجود معايير عالمية بخصوص الاستخدام الأمثل للعرقسوس إلا إنّ الجرعات التي تتراوح ما بين 5 إلى 15 جرام في اليوم للبالغين تعتبر آمنة على المدى القصير، كما يستخدم مستخلص العرقسوس عادة بمعدل 100 ملليجرام يوميًا في حال تناوله عن طريق الفم من قبل البالغين طبقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية. بشكل عام ينصح باستشارة طبيبك قبل تناول أي من المكملات الغذائية لضمان ألّا تتجاوز الحد الآمن أو تتعارض مع حالتك الصحية.

أضرار الاستهلاك الزائد للعرقسوس:

قد يؤدي استهلاك العرقسوس بكميات كبيرة أو لفترات طويلة إلى تراكم الجليسريزين (Glycyrrhizin) في الجسم، والذي يعد المسبب الرئيسي لمعظم الأضرار والأعراض الجانبية المرتبطة بالنبات. أظهر ارتفاع مستوى الجليسيزين تسببه في زيادة معدلات هرمون القلق (cortisol) عن الطبيعي، كما قد يؤدي إلى ظهور أعراض جانبية خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم أو انخفاض معدلات البوتاسيوم أو عدم انتظام معدل ضربات القلب أو ضعف العضلات، كما قد يتسبب في الإضرار بالكلى نتيجة لاحتوائه على الأملاح. نتيجة لذلك؛ ينصح الأفراد الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو أمراض الكلي أو معدلات البوتاسيوم المنخفضة أو قصور القلب الاحتقاني بتجنب منتجات العرقسوس التي تحتوي على الجليسيزين بشكل عام.

بالإضافة لذلك، قد يتسبب استهلاك المرأة الحامل للجليسيزين بمعدلات كبيرة في تأثيرات سلبيية على تطور المخ بالنسبة للجنين؛ فقد أظهرت إحدى الدراسات أن الأطفال المولودين ﻷمهات استهلكوا بكثرة منتجات العرقسوس التي احتوت على الجليسيزين كانوا أكثر عرضة للإصابة بإعاقات في المخ في فترات لاحقة من حياتهم. نتيجة لغياب أبحاث كافية توضح العلاقة ما بين الرضاعة واستهلاك منتجات عرق السوس، ينصح الأمهات المرضعات أيضًا بتجنب استهلاك تلك المنتجات من باب الاحتياط.

 

القيمة الغذائية للعرقسوس:

يحتوي كل 100 جرام من العرقسوس على القيم الغذائية التالية:

- سعرات حرارية: 365 سعرة حرارية.

- ماء: 6.3 جرام.

- كربوهيدرات: 93.55 جرام.

- سكريات: 70 جرام.

- دهون: 0.05 جرام.

- صوديوم: 50 ملليجرام.

- بوتاسيوم: 37 ملليجرام.

- كالسيوم: 3 ملليجرام.

- ألياف: 0.2 جرام.